مختارات .. صاحب ابنك ..الاباء والتصدي لمحاولات الانتحار لدى الشباب ..أهمية رصد علامات الإنذار

دكتور مختار همام
رئيس مجلس الادارة
ما من يوم يمر الا ونسمع عن انتحار شاب بالقاء نفسه في نهر النيل او تناول حبة غلال ولم يعد الانتحار مجرد حادث نادر الوقوع أو يخص فئة معينة أو عمراً معيناً، عانى صاحبه من حياة طويلة مليئة بالأزمات، بل أصبح ظاهرة تستدعي الاهتمام خاصة في أوساط الشباب.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة بالفعل في مكافحة محاولات الانتحار والحفاظ على الصحة النفسية للشاب فإن الأعداد لا تزال كبيرة ومزعجة، وتمثل مصدر قلق للجهات الصحية في العالم كله.
وفى السنوات الماضية أصبحت هناك زيادة كبيرة في أعداد الشباب الذين يقدمون على الانتحار، وهو الأمر الذي يعنى أن جميع الفائات أصبحت مهددة بخطر الانتحار كنتيجة لسوء الحالة النفسية للطفل والشاب .
وننصح الآباء بضرورة أن يكونوا على دراية بعوامل الخطورة المؤدية للانتحار وملاحظة هؤلاء الأطفال والشباب بعناية مثل الأطفال الذين تعرضوا لصدمات نفسية كبيرة مثل الاعتداء البدنى أو فقدان شخص عزيز لديهم وكذلك الذين لديهم تاريخ عائلي للانتحار حيث إن العامل الجيني يلعب دورا كبيرا في إمكانية الإقدام على المحاولة. كما يتعين على الآباء أيضا عدم إغفال العلامات المنذرة بالخطر مثل كلام الطفل او الشاب عن الانتحار أو عدم جدوى الحياة أو أنها عبء كبير ويستحسن التخلص منه، وكذلك إذا تبين أن الطفل أو الشاب يبحث عن وسائل الانتحار على الإنترنت أو انضم إلى مجموعات تشجع على الانتحار وتعتبره تصرفا شجاعا وقرارا صائبا لحل المشكلات النفسية.
كما انه يجب على الآباء أن يخبروا الشباب بدعمهم له والتعامل بجدية مع آلامه ومشكلاته . ويجب على الآباء تعلم الاستماع لأطفالهم وعدم السخرية من أحزانهم وكذلك عدم التضخيم من الأخطاء حتى لو كانت كبيرة بالفعل، خاصة في لحظات الضعف النفسي. ويجب أيضا أن يكونوا على دراية بالرسائل الصامتة التي قد تبدو بعيدة عن الاكتئاب مثل إدمان الهواتف الذكية طوال الوقت أو القيادة بسرعات كبيرة أو تراجع الأداء الدراسي بشكل واضح أو الإقبال على الطعام وزيادة الوزن بشكل كبير.
اكتئاب الاطفال والشباب
وكشفت دراسات علمية أن الاكتئاب الاطفال والشباب قد يأخذ شكلا مختلفا حيث يبدو القلق والتوتر أكثر من الحزن والإحباط ويصبح سريع الغضب كما يمكن أن يشكو من آلام جسدية غير مفسرة بمعنى الشكوى الدائمة من آلام في العضلات، والشعور بتكسير الجسم دون بذل مجهود بدني عنيف أو حوادث. والحال نفسه يتكرر مع الصداع أو آلام المعدة خاصة إذا لم يظهر الفحص الطبي أي علامات على وجود مرض معين، وفى الأغلب فإن هذه الآلام لا تتحسن بالعلاج الطبي. وأيضا يكون شديد الحساسية للنقد حيث إنه يعانى من النظرة المتدنية للذات بالفعل خاصة بالنسبة للطلاب المتفوقين. وخلافا للكبار الذين ينعزلون عن مجتمعهم بالكامل في فترات الاكتئاب يحتفظ الشاب بالقليل من الصداقات ولكن يبدأ في الانسحاب من كثير من التجمعات ويبتعد عن الوالدين.
وأشارت الدراسة إلى أن الكثير من الآباء يختلط عليهم الأمر بين التغيرات النفسية العادية والتي تصاحب فترة البلوغ growing pains ويمر بها الجميع، وبين الاكتئاب الذي يمكن أن يؤدى إلى الانتحار. وأوضحت أن المقياس هو: لأي مدى يكون تغير المراهق عن طبيعته المتعارف عليها. وأيضا لأي مدة. أي بمعنى أن التغيرات الهرمونية والنفسية في الأغلب تستغرق وقتا قصيرا وعلى فترات متقطعة وأيضا لأي مدة تكون حدة هذه التغيرات وانعكاسها على الكثير من جوانب حياته الدراسية والاجتماعية والنفسية. وحذرت الدراسة من ضرورة الملاحظة الدقيقة للكلمات التي يرددها المراهق عن التخلص من الذات على سبيل المزاح وضرورة التعامل معها بمنتهى الجدية، خاصة إذا كان الطفل او الشاب بدأ في تعاطي العقاقير المخدرة.
وشددت الدراسة على ضرورة أن يقوم الآباء بدور الصديق أكثر من دور المعلم بمعنى أن يكون الاستماع أكثر من النصح وتجنب النقد والدعم غير المشروط وأيضا نصحت بعدم التوقف عن محاولات الكلام مع الأبناء حتى لو رفض الأبناء في البداية. وعلى الآباء عدم اليأس والمحاولة الدائمة على شرط أن يتم ذلك بلطف ومن خلال الحب وليس الإجبار على الحديث وكذلك يجب على الآباء الثقة في حاستهم كأمهات وآباء، بمعنى إذا شعرت الأم أن هناك تغيراً حدث لابنها أو ابنتها حتى إذا اخبرهم الأبناء أن كل شيء على ما يرام، أن تسعى لإدخال طرف ثالث في العلاقة يكون مقربا للمراهق مثل أحد الأصدقاء أو الأقارب المفضلين لدىه حتى لا تتفاقم الأمور.