مختارات..الام وما ادراك ما الام

دكتور مختار همام

 

رئيس مجلس الإدارة

 

إنها الأم  وما أدراكم ما الأم ثم ما أدراكم ما الأم أم الشيء يعني أصله وجذره، بدونها لم يكن لك وجود في الحياة، فإذا ذهب الأصل أو الجذر أصبحت في العراء؛ معرضا للهوام والآفات والعلل والآلام والأوجاع، وأمسيت بلا ركن تأوي إليه، أو دعاء تعتمد عليه.

 

الأم هي رمز العطاء بلا حدود، والتضحية بدون انتظار، والبذل من غير مقابل، والحنان الغامر والعاطفة الجياشة والقلب الرحيم!

 

حينما أراد الله أن يصور رحمته بعباده ضرب لهم مثلا برحمة الأم، وجعل رحمتها معيارا ليقرب معنى رحمته للعباد؛ فقد أخرج البخاري بسنده عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: “قدم على النبي ﷺ سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته، فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي ﷺ: أترون هذه طارحة ولدها في النار قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها”. فانظر إلى قوله: ” لله أرحم بعباده من هذه بولدها”؛

ورسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يوصي بها 3 مرات مقابل مرة واحدة للأب حين جاءه رجل فقال له: “من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. وفي حديث قتيبة: من أحق بحسن صحابتي ولم يذكر الناس”.

الأم -وحدها- هي التي تتقبلك كما أنت، تحب كل ما فيك، وتدعو لك بالخير وللخير، وترجو أن تكون أسعد الناس وأغنى الناس وأعز الناس، ولا تريد منك جزاء ولا شكورا، ولا تنتظر منك عطاء ولا تضحيات، إلا أن ترى السعادة معك، والبسمة على وجهك، والتوفيق حليفك..

إن بعدت عنها تمنت قربك، وإن أحسنت إليها غمرتك بالدعاء وأحاطتك بالرضا وسالت دموعها وبكى قلبها من الإحسان، حتى لو أسأت إليها أو عققتها تألمت وتوجعت، لا غضبا عليك، ولكن حزنا ورجاء عودتك لتتلقاك بأحضانها من بعيد.. هذه هي الأم يا سادة، وما أدراك ما الأم!

جعل الله رضاها من رضاه، وجعل الجنة تحت أقدامها سبحانه دون سواه، وجعل لها في الجنة بابا، وجعل دعاءها لولدها مستجابا!

تسهر معك الليالي، فترضعك لبنها، وتطعمك من يدها.. تنظف بدنك وتلبسك أجمل الثياب، وتحملك على صدرها، وتضعك في حجرها؛ تنشد لك وتهدهدك إلى أن تنام، فهل رأيت أرحم من الأم أو أحن من الأم؟!

الأم لا تأكل إلا إذا أكلت، ولا تشرب إلا إذا شربت، ولا تنام إلا إذا نمت، ولا تستريح إلا إذا استرحت.. تمرض بمرضك وتصح بصحتك، وتحزن لحزنك وتفرح بفرحك.. فهل هناك أحد في الكون بهذه العاطفة الجياشة والطبيعة النبيلة سواها، وهل تستحق منك البعد والإهمال؛ فضلا عن العقوق والهجران؟إذ جعل رحمة الأم مثلا لرحمة الله تعالى، وله المثل الأعلى!

زر الذهاب إلى الأعلى